سياسة سعر الصرف

شهد الإقتصاد الوطني خلال العقود الماضية العديد من المشاكل والصعوبات الإقتصادية والمالية مما استدعى إنتهاج مجموعة من السياسات والإجراءات الإقتصادية التي تهدف إلى معالجة الإختلالات التي حدثتْ وكان من بينها سياسة سعر الصرف ، وفيما يلي إستعراض موجز لتطور سياسة سعر الصرف التي اتبعها مصرف ليبيا المركزي منذ نشأته وحتى الوقت الحاضر ،،

سعر الصرف ( القيمة التعادلية بالدينار الليبي )،،

تم إصـــدار الدينار الليبي كعملة وطنية لأول مرة ( تحت إسم الجنيه ) في بداية عام 1952 ، وكانتْ قيمته مساوية للجنيه الإسترليني وكل منهما يعادل 2.8 دولاراً أمريكياً أو مايعادل 2.48828 جراماً من الذهب .

في عام 1967 تم تخفيض الجنيه الإسترليني بنحو 14.3% لتصبح القيمة التعادلية للجنيه الإسترليني 2.4 دولاراً أمريكياً ، وبالرغم من أن ليبيا في ذلك الوقت ماتزال ضمن منطقة الإسترليني إلا أنها لم تقم بتخفيض قيمة الدينار الليبي .

في شهر أغسطس 1971 أعلنت الولايات المتحدة عدم إلتزامها بإستبدال الدولار بالذهب ، وقامتْ في شهر نوفمبر من نفس العام بتخفيض قيمة الدولار تجاه وحدة حقوق السحب الخاصة بنحو 7.9% ، لتصبح وحدة حقوق سحب خاصة = 1.0857 دولاراً ، بدلاً من السعر القديم وهو 1 وحدة حقوق سحب خاصة = 1 دولار، فلقد أدى هذا الأمر إلى ارتفاع قيمة الدينار الليبي مقابل الدولار لتصبح 1 دينار = 3.04 دولارات بدلاً من 1 دينار = 2.8 دولار.

في شهر فبراير من عام 1973 تم تخفيض قيمة الدولار الأمريكي للمرة الثانية بنسبة 10% تجاه وحدة حقوق السحب الخاصة لتصبح وحدة حقوق السحب الخاصة تساوي 1.2063 دولاراً بدلاً من 1.0857 دولار ، وقد ترتب على هذا التخفيض ارتفاع قيمة الدينار تجاه الدولار مرة أخرى بنحو 11% لتصبح 1 دينار= 3.3776 دولاراً بدلاً من 1 دينار= 3.04 دولارات .

كما تم في شهر فبراير من عام 1973 ربط الدينار الليبي بالدولار الأمريكي عند سعر صرف ثابت وهو 1 دولار= 0.29679 دينار ليبي ، ونتيجة لهذا الربط فإن قيمة الدينار تجاه العملات الأخرى تتغير تبعاً لتغير قيمة الدولار تجاه تلك العملات .

ولقد حافظ الدينار الليبي على هذه القيمة عند هذا المستوى حتى عام 1986 ، مما ساعد على ثبات قيمة الدينار الليبي الرسمية في مواجهة الدولار الأمريكي وغيره من العملات الأجنبية الوفر النسبية في النقد الأجنبي والزيادة الكبيرة في الإحتياطيات التي نجمتْ عن تحسن أسعار النفط وزيادة الدخل المُحقق من الصادرات النفطية في ذلك الوقت ، فضلاً عن عدم وجود قيود إدارية أو كمية تُذكر على حرية التعامل بالعملة الأجنبية شراءً وبيعـاً سواء للأفراد أو للمؤسسات العامة والخاصة حتى عام 1982 على الأقل .

وفي 1986/03/18 ومن أجل إدخال مرونة أوسع على نظام سعر الصرف المتبع تم فك ارتباط الدينار الليبي بالدولار الأمريكي وربطه بوحدة حقوق السحب الخاصة ( و.ح.س.خ ) بسعر صرف يعادل 2.8 و.ح.س.خ لكل دينار ليبي.

وفي 1986/05/01 ، تم وضـع هامش يمكـن أن يتذبذب فيه سعـر الصــرف بحدود ± 7.5% ، وقد حدد هذا الهامش عند مستواه الأدنى المُعادل لـ 2.6046 (و.ح.س.خ) للدينار الليبي الواحد ، ثم جرى توسيع هذا الهامش عدة مرات .

وتأتي التغيرات المُشار إليها أعلاه تنفيذاً لأحكام قانون المصارف الذي خول مصرف ليبيا المركزي تغيير القيمة التبادلية للدينار حسب التطورات الإقتصادية والنقدية بما يكفل تفادي الآثار السلبية لهذه التطورات على الإقتصاد الوطني ، وتنفيذاً لذلك قام مصرف ليبيا المركزي منذ يوم 1999/02/14م وحتى نهاية عام 2001 بتنفيذ برنامج تم بموجبه بيع النقد الأجنبي للأغراض الشخصية والتجارية عن طريق المصارف التجارية ، دون فرض أي قيود على الصرف وفقاً لأسعار البيع التي يُحددها مصرف ليبيا المركزي ، وقد عرف سعر الصرف الجديد بإسم ” سعر الصرف الخاص المعلن ” الذي اُستخدم بجانب سعر الصرف الرسمي بعد أن تم إلغاء مايُعرف ” بالسعر التجاري ” الذي تم إقراره والعمل به لأغراض معينة منذ عام 1994 حتى بداية عام 1999 ، وقد وضعتْ أهداف محددة لهذا البرنامج يأتي في مقدمتها مايلي :

  1. ترشيد إستخدام النقد الأجنبي .
  2. حل مشكلة المواطنين الذين يحتاجون إلى النقد الأجنبي لمختلف الأغراض الشخصية من خلال إيجاد نافذة قانونية لهذا الغرض ، ووفقاً لإجراءات مشروعة وبدون قيود على الصرف .
  3. رفع قيمة الدينار الليبي في مواجهة العملات الأجنبية في السوق الموازية .
  4. دعم القوة الشرائية للدينار الليبي .
  5. خفض أسعار السلع التي يتم توفيرها وتمويلها بواسطة السوق الموازية والمحافظة على إستقرارها .
  6. القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي .

وقد استهدف البرنامج خلق الأرضية الملائمة لتعديل سعر صرف الدينار وصولاً إلى تحديد القيمة التبادلية الحقيقة للدينار التي تتلاءم مع معطيات الإقتصاد الليبي ، وتحقق كفاءة وترشيد إستخدام الموارد المتاحة وتقضي على التشوهات في الأسعار.

وخلال الفترة 2000 – 1999 ، تم الرفع التدريجي في قيمة الدينار الليبي وفقاً لسعر الصرف الخاص المعلن مصحوباً بين الحين والأخر بتخفيض في قيمته وفقاً لسعر الصرف الرسمي ، وكنتيجة لذلك تراوح السعر الرسمي للدينار الليبي مقابل الدولار الأمريكي مابين 3.54 دولاراً للدينار الواحد في نهاية عام 1990 إلى 1.55 دولاراً للدينار الواحد في نهاية عام 2001 ، كما تغيرتْ أسعار صرف العملات الأجنبيةالرئيسية الأخرى مقابل الدينار الليبي وفقاً للتغيرات التي طرأتْ على القيمة التعادلية للدينار الليبي مقومة بوحدات حقوق السحب الخاصة .

في الأول من يناير2002 ، تم تعديل وتوحيد أسعار صرف الدينار الليبي في إتجاه تخفيض قيمته وفقاً لسعره الرسمي بنسبة 50% عما كان عليه في نهاية عام 2001 ، ليصبح 0.6080 وحدة حقوق سحب خاصة لكل دينار ليبي واحد أو مايعادل 1 دينار = 1.3 دولاراً

وفي 2003/06/15 م ، تم تخفيض سعر صرف الدينار الليبي بواقع 15% ليصبح 0.5175 وحدة حقوق سحب خاصة مقابل كل دينار ليبي واحد ، وذلك بهدف إحتواء ضريبة النهر الصناعي التي كانتْ تفرض على كافة الإعتمادات والتحويلات بالنقد الأجنبي ، وكذلك إلغاء التمييز في سعر الصرف بين الجهات المُعفاة وغير المُعفاة من هذه الضريبة ، ومايزال هذا السعر قائماً حتى اليوم .

وفي 2003/06/21 م ، أبلغتْ الدولة الليبية صندوق النقد الدولي رسمياً بقرارها قبول الإلتزامات المحددة بموجب المادة الثامنة من إتفاقية الصندوق ، وذلك بأن ألغتْ القيود التي كانتْ مشروطة بالموافقة بموجب المادة الثامنة ، بما في ذلك ضريبة النهر الصناعي البالغة 15% على الإعتمادات والتحويلات الخارجية وعلى مشتريات الأفراد والقطاع الأهلي من النقد الأجنبي وغيرها من القيود التي كانتْ مفروضة على عمليات الحساب الجاري .